وهذا السند من خماسياته؛ رجاله كلهم مدنيون إلَّا أبا بكر بن أبي شيبة؛ فإنه كوفي، وحكمه: الصحة، على شرط مسلم.
(قال) أبو هريرة: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جاء مسجدي هذا) أراد مسجده، وتخصيصه بالذكر إما لخصوص هذا الحكم به، أو لأنه كان محلًا للكلام حينئذ، وإلا .. فحكم سائر المساجد كحكمه، وجملة قوله:(لم يأته إلَّا لخير) حال من فاعل (جاء)، والضمير المنصوب عائد إلى (المسجد) أي: حال كونه آتيًا إياه للخير لا لغيره، والمراد بالخير: العلم؛ أي: حالة كونه لا يأتيه إلَّا لعلم (يتعلمه) من الناس (أو يعلمه) غيره بالتدريس والإفتاء مثلًا.
قال السندي: والكلام فيمن لَمْ يأت الصلاة فيه، وإلا .. فالإتيان لها هو الأصل المطلوب في المساجد.
وقوله:(فهو بمنزلة المجاهد) جواب الشرط؛ أي: فذلك الآتي لغرض التعلم أو التعليم بمنزلة الغازي (في سبيل الله) لإعلاء كلمته وإعزاز دينه، ووجه مشابهة طلب العلم بالمجاهدة في سبيل الله: أنه إحياء للدين، وإذلال للشيطان، وإتعاب للنفس، وكسر ذرى الشهوات، كيف وقد أبيح له التخلف للتفقه عن الجهاد؟ ! فقد قال تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً .... } الآية (١).
(ومن جاء) هـ (لغير ذلك) التعلم أو التعليم؛ أي: ممن لَمْ يأت الصلاة