للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقوله: (النفس بالنفس) قال القرطبي: موافق لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (١)، ويعني به: النفوس المتكافئة في الإسلام والحرية؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقتل مسلم بكافر" رواه البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، في رقم (٦٩٠٣)، وهو حجة للجمهور من الصحابة والتابعين على من خالفهم، وقال: يقتل المسلم بالذمي؛ وهم أصحاب الرأي والشعبي والنخعي، ولا يصح لهم ما رووه من حديث ربيعة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم خيبر مسلمًا بكافر) وهو منقطع، ومن حديث ابن البيلماني وهو ضعيف، ولا يصح في الباب إلا حديث البخاري المتقدم آنفًا.

وأما الحرية .. فشرط في التكافؤ، فلا يقتل حر بعبد عند مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وهو قول الحسن وعطاء وعمرو بن دينار وعمر بن عبد العزيز، محتجين في ذلك بأن العبد لما كان مالًا متقومًا .. كان كسائر الأموال إذا أتلفت، فإنما يكون فيها قيمة المتلف بالغة ما بلغت، والحر ليس بمال بالاتفاق، فلا يكون كفؤًا للعبد، فلا يقتل به، ويغرم قيمته ولو فاقت على دية الحر، ويجلد القاتل مئة جلدة، ويحبس عامًا عند مالك.

وذهبت طائفة أخرى إلى أنه يقتل به، وإليه ذهب سعيد بن المسيب والنخعي والشعبي وقتادة والثوري وأصحاب الرأي، محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم" رواه أبو داوود، رقم (٢٧٥١)، وابن ماجه، رقم (١٦٨٣).

وذهب النخعي والثوري في أحد قوليه إلى أنه يقتل به وإن كان عبده، محتجين في ذلك بما رواه النسائي من حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله


(١) سورة المائدة: (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>