للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ سَنَةٍ،

===

حكمًا آخر؛ وهو المراد بالسبيل في الآية، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك الحكم الجديد قد نزل، وهو قوله: (البكر بالبكر) أي: حد البكر الذي زنى بالبكر أو بالثيب (جلد مئة) مرّة؛ أي: ضرب مئة مرّة، وسمي الضرب في الزنا وغيره من موجبات الحد جَلدًا - بفتح الجيم - لاتصاله بالجِلد - بكسر الجيم - أي: لإيصاله الألم إليه.

(وتغريب سنة) أي: نفي سنة من بلد الزنا إلى مسافة القصر.

وقوله: "بالبكر" قال النووي: ليس هذا على سبيل الاشتراط، بل حد البكر الجلد والتغريب، سواء زنى ببكر أم بثيب، وكذا حد الثيب الرجم، سواء زنى بثيب أم ببكر، فهو شبيه بالتقييد الذي خرج مخرج الغالب. انتهى.

وقوله: "وتغريب سنة" استدل به الشافعية والحنابلة على أن النفي والتغريب من حد الزاني البكر.

وفي المسألة ثلاثة مذاهب:

الأول: حد الزاني البكر مجموع الجلد والتغريب مطلقًا، رجلًا كان أو امرأة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وابن أبي ليلى وسفيان الثوري وعطاء وطاووس، رحمهم الله تعالى.

الثاني: يغرب الرجل دون المرأة؛ لأن المرأة تحتاج إلى حفظ وصيانة، وهو قول مالك والأوزاعي.

والثالث: ليس التغريب جزءًا من حد الزنا، وإنما هو تعزير فيه، يخير فيه الحاكم إن رأى فيه مصلحة .. غربه، وإلا .. فلا، وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهم الله تعالي، هذا ملخص ما في "المغني" لابن قدامة (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>