وهذا السند من سداسياته؛ رجاله ثلاثة منهم كوفيون، وثلاثة بصريون، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نضر الله امرأ سمع منا حديثًا)، وفي رواية الترمذي:(شيئًا) بدل (حديثًا)، قال الطيبي: يعم الأقوال والأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم يدلُّ عليه صيغة الجمع في (منا).
قلت: الظاهر عندي أن المعنى سمع مني أو من أصحابي حديثًا من أحاديثي فبلغه ... إلى آخره، وعبارة السندي هنا: أي: سمع بلا واسطة أو بواسطة، وهي بمعنى سمع مقالتي، ولا يتقيد بالسماع من فيه صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا العلماء، والله تعالى أعلم.
(فبلغه) كما سمعه، كما في رواية الترمذي؛ أي: من غير زيادة ولا نقصان، وخص مبلغ الحديث كما سمعه بهذا الدعاء؛ لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة، فجازاه بالدعاء بما يناسب حاله، وهذا يدلُّ على شرف الحديث وفضله ودرجة طلابه؛ حيث خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء لَمْ يُشرِك فيه أحدًا من الأمة، ولو لَمْ يكن في طلب الحديث وحفظه وتبليغه فائدة سوى أن يستفيد بركة هذه الدعوة المباركة .. لكفى ذلك فائدةً وغنمًا، وجلَّ في الدارين حظًا وقسمًا.
(فرب مبلغ) -بفتح اللام- وهو مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد، و (رب) للتقليل وقد ترد للتكثير، (أحفظ) بالرفع صفة لمبلغ تابع لمحله أو بالجر تابع للفظه، ومتعلق