للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى ذَوْدٍ لَنَا فَشَرِبْتُمْ مِنْ ألْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا"، فَفَعَلُوا، فَارْتَدُّوا

===

وقال القزاز: (اجتووا) أي: لَمْ يوافقهم طعامها، وقال القرطبي: (اجتووها) أي: لَمْ توافقهم صحتهم، يقال: اجتوى البلد واستوبله واستوخمه؛ إذا سقم فيه عند دخوله. انتهى "أبي".

استوخموا المدينة وكرهوا الإقامة بها، لَمْ يوافقهم هواؤُها.

وحاصل ما ذكر: أنهم كانوا في هُزَالٍ شديد من الجهد والجوع، فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطعمهم حتى صحت أجسامهم، ثُم ابتُلُوا بالاستسقاء: وهو انتفاخ البطن لمرض فانتفخت بطونهم، فزعموا أن مرضهم هذا من استيخامهم وكراهيتهم هواءَ المدينة، والله أعلم.

وهو مشتق من الجوى: وهو داء في الجوف.

(فقال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو خرجتم إلى) محل (ذود) وإبل (لنا) في خارج المدينة (فشربتم من ألبانها وأبوالها) .. لكان أقرب لكم إلى حصول صحتكم، فجواب لو محذوف، كما قدرناه، دل عليه ما بعده.

وفي الحديث: دلالة على جواز الخروج من البلد، الذي لا يوافق الرجلَ هواه تداويًا وعلاجًا، وكانت إبل الصدقة تَرْعى بذي الجَدَرِ ناحيةَ قُباء قريبًا مِن عَيْرٍ على ستة أميال من المدينة، ذكره ابنُ سعد في "طبقاته".

(ففعلوا) ما أشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج إلى إبل الصدقة وشُرْبِ ألبانِها وأبوالها (فصَحُّوا) من مرضهم؛ كما في رواية مسلم؛ أي: فحصلت لهم الصحة والعافية من مرضهم، وإنما جاز لهم شرب ألبان إبل الصدقة؛ لأنَّها للمحتاجين والفقراء، وهم منهم (فارتدوا) وفي رواية مسلم:

<<  <  ج: ص:  >  >>