في هذا الباب مختلفة؛ فمذهب الحنابلة عدم جواز التداوي بالمحرمات مطلقًا، قال ابن قدامة: ولا يجوز التداوي بمحرم، ولا يستثنى فيه محرمٌ؛ مثل ألبان الأُتُنِ ولحم شيء من المحرمات، ولا شربُ الخمر للتداوي به؛ لما ذكرنا من الخبر.
وأما الشافعية .. فيجوز التداوي عندهم بالمحرمات غير المسكر إلَّا إذا تعين الشفاء فيها، فأما التداوي بالمسكر .. فلا يجوز عندهم أيضًا.
قال النووي في "المجموع شرح المهذب"(٩/ ٥٢) مذهبنا: جواز التداوي بجميع النجاسات سوى المسكر، ودليلنا حديث العرنيين، وهو في "الصحيحين" كما سبق، وهو محمول على شربهم الأبوال للتداوي؛ كما هو ظاهر الحديث، وحديث:"لَمْ يجعل الله شفاءكم" .. محمول على عدم الحاجة إليه؛ بأن كان هناك ما يغني عنه ويقوم مقامه من الأدوية الطاهرة.
وقال البيهقي: هذان الحديثان إن صحا .. حملا على النهي عن التداوي بالمسكر وعن التداوي بالحرام من غير ضرورة؛ للجمع بينهما وبين حديث العرنيين.
وأما المالكية .. فمذهبهم في هذا الباب كمذهب الحنابلة؛ فإنهم لا يجوزون التداوي بالمحرم بحال.
ويقول القرطبي في "تفسيره" من سورة البقرة (٢/ ٢١٣): وإن كانت الميتة قائمة بعينها .. فقد قال سحنون: لا يتداوى بها بحال ولا بخنزير؛ لأن منها عوضًا حلالًا، بخلاف المجاعة، وكذلك الخمر لا يتداوى بها.
وأما الحنفية .. فقد اختلف أقوال علمائهم في المسألة: فالمشهور عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يجوز التداوي بالمحرم.