وقال السرخسي في باب الوضوء والغسل من "المبسوط"(١/ ٥٤): وعلى قول أبي حنيفة لا يجوز شربه؛ يعني: بول ما يؤكل لحمه للتداوي وغيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله تعالى لَمْ يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم".
وعند محمد يجوز شربه للتداوي وغيره؛ لأنه طاهر عنده، وعند أبي يوسف يجوز شربه للتداوي لا غير؛ عملًا بحديث العرنيين.
واستدل من حرم التداوي بالمحرمات بأحاديث متعددة؛ منها: ما أخرجه أبو داوود في باب الأدوية المكروهة من كتاب الطب عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تتداووا بحرام".
ومنها أيضًا: ما أخرجه عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث.
ومنها: ما أخرجه عن وائل بن حجر، ذكر طارق بن سويد أو سويد بن طارق سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه، ثم سأله، فنهاه عنه، فقال له: يا نبي الله؛ إنها دواء، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا؛ لكنها داء"، وأخرجه أيضًا ابن ماجة في الطب رقم (٣٥٠٠).
ومنها أيضًا: عن عبد الرَّحمن بن عثمان أن طبيبًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها.
ومنها: ما أخرجه الطحاوي عن عطاء قال: قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: (اللهم؛ لا تشف من استشفى بالخمر)، إلى غير ذلك.
ومن رأى جواز التداوي بالحرام .. أجاب عن هذه الأحاديث بأنها محمولة على حالة الاختيار؛ يعني: إذا علم أن للمرض دواء آخر، وهذا الجواب قد اختاره العيني في عمدة القاري (١/ ٢٩٠).