قال القرطبي: وإنما خص الشرع القطع بالسارق؛ لأن آخذ الشيء مجاهرةً يمكن أن يسترجع منه غالبًا، والخائن مكنه رب الشيء منه، وكان ممكنًا من الاستيثاق بالبينة، وكذلك المعير، ولا يمكن شيء من ذلك في السرقة، فبالغ الشرع في الزجر عنها بما انْفَردَتْ به عن غيرها من قطع اليد. انتهى.
والمنتهب: من يأخذ المال جهارًا اعتمادًا على قوته، والمختلس: من يأخذه اعتمادًا على هربه.
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: صان الله تعالى الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة، كالاختلاس والانتهاب والغصب؛ لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستعداء إلى ولاة الأمور وتسهل إقامة البينة عليه، بخلاف السرقة؛ فإنه يتندر إقامة البينة عليها، فعظم أمرها واشتدت عقوبتها؛ ليكون أبلغ في الزجر عنها، وقد أجمع المسلمون على قطع السارق في الجملة، وإن اختلفوا في فروع منه. انتهى.
قوله:"في ربع دينار" بضم الباء وقد يسكن.
قوله:"فصاعدًا" قال صاحب "المحكم": يختص هذا العطف بالفاء، وتَجوزُ ثُمَّ بدلها، ولا تجوز الواو.
وقال ابن جني: هو منصوب على الحال المؤكدة لعاملها، وصاحبها محذوف وجوبًا؛ تقديره: ولو زاد العدد، حالة كونه صاعدًا، ومن المعلوم أنه إذا زاد .. لَمْ يكن إلَّا صاعدًا، ولقد بسطنا الكلام على هذه الحال في كتابنا "نزهة الألباب على ملحة الإعراب"، فراجعه إن شئت الخوض فيما في هذا المقام.
وتمسَّكَ الشافعيُّ رحمه الله تعالى بهذا الحديث؛ في أن نصاب السرقة