أي أرسلني (إلى رجل) لم أر من ذكر اسمه (تزوج امرأة أبيه) وزوجته؛ أي: نكحها على نظام الجاهلية ودستورها؛ فإنهم كانوا يتزوجون بأزواج آبائهم؛ يعدون ذلك من باب الإرث، ولذلك ذكر الله النهي عن ذلك بخصوصه بقوله:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}(١) في الزجر عن ذلك (من بعده) أي: من بعد وفاة أبيه (فأمرني) النبي صلى الله عليه وسلم (أن أضرب عنقه) وأقتله وآتيه برأسه؛ كما في رواية الترمذي، فالرجل سلك مسلكهم في عد ذلك حلالًا، فصار مرتدًا، فقتل لذلك، وهكذا أوَّلَ الحديثَ مَن يقول بظاهره.
وفي رواية أبي داوود والنسائي وابن ماجه والدارمي:(فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله) والحديث دليل على أنه يجوز للإمام أن يأمر بقتل من خالف قطعيًّا من قطعيات الشريعة؛ كهذه المسألة؛ فإن الله تعالى يقول:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، ولكنه لا بد من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله عالم بالتحريم، وفعله مستحلًا، وذلك من موجبات الكفر، والمرتد يقتل ويؤخذ ماله.
قال الترمذي: حديث البراء حديث حسن غريب، رواه الخمسة، قال المنذري: وقد اختلف في هذا الحديث اختلافًا كثيرًا، فذكره.
وساق شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى كلام المنذري إلى آخره، ثم قال: وهذا كله يدل على أن الحديث محفوظ ولا يوجب هذا تركه؛ فإن البراء بن عازب حدث به عن أبي بردة بن نيار، واسمه الحارث بن عمرو، وأبو بردة كنيته، وهو عمه وخاله، وهذا واقع في النسب، وكان معه رهط، فاقتصر