قصاصًا أو حدًّا .. (إلا كان على ابن آدم الأول) يعني: قابيل؛ وهو الذي قتل أخاه هابيل؛ كما هو المشهور عندهم، وعكس القاضي جمال الدين بن واصل في "تاريخه"، فجعل قابيل مقتولًا وهابيل قاتلًا؛ كما ذكره الحافظ في "الفتح"، واستشهد بأن قابيل مشتق من قبول قربانه، ولكن الأكثر على أن قابيل هو القاتل، ومجرد اشتقاق قابيل من القبول لا يصلح دليلًا على أنه هو المقتول.
وقوله: "الأول" هذا يؤيد ما هو المشهور؛ من أن هابيل وقابيل كانا ولدي آدم لصلبه، وبه صرح مجاهد فيما روى ابن أبي نجيح عنه، وذكر الطبري عن الحسن أنهما لم يكونا ولدي آدم من صلبه، وإنما كانا من بني إسرائيل، ولكن ظاهر حديث الباب يرده. انتهى من "الفتح" (١٢/ ١٩٣).
أي: إلا كان على ذلك الأول (كفل) - بكسر الكاف وسكون الفاء - أي: نصيب وحظ وجزء (من) وزر إراقة (دمها) أي: من دم تلك النفس المقتولة ظلمًا (لأنه) أي: لأن ذلك الأول (أول من سن) وأسس وشرع (القتل) ظلمًا.
فيه أن أول من سن الشيء وأسسه .. كتب له أو عليه، وهو أصل في أن المعونة على ما لا يحل حرام، وقد صرح به في حديث جرير عند مسلم وغيره: "من سن في الإسلام سنة حسنة .. كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة .. كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"، وهو محمول على من لم يتب من ذلك الذنب، كذا في "فتح الباري".
قوله: "لأنه أول من سن القتل" أي: جعله سيرة للناس، فهو متبوع في هذا