القتَّالُ للراهب:(إني قتلْتُ تسعةً وتسعين نفسًا) ظلمًا (فهل) يكون (لي من توبة) عند الله تعالى من تلك الذنوب الكثيرة، (قال) الراهب للقتَّال: لا توبة لك (بعد) ما قتلت (تسعة وتسعين نفسًا، قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (فانتضى) القتَّالُ؛ أي: أخرج (سيفه) من غمده؛ وهو بالضاد المعجمة (فقتله) أي: فقتل القتَّالُ الراهبَ (فأكمل) القتَّال (به) أي: بقتل الراهب (المئةَ) أي: مئة نفس مقتولة، وأخذ بعضهم من قول الراهب: لا توبة لك أن هذا الراهب لم يكن عالمًا، وإنما أفتى بغير علم.
ورَدَّ عليه الأبي لاحتمال أن يكون في توبة القاتل خلاف في شريعتهم؛ كما هو عندنا، فأفتاه الراهب بقول من يقول منهم: لا توبة للقاتل، وعلى كل حال، فجواب الراهب كان على خلاف المصلحة؛ لأنه وإن كانت المسألة مجتَهدًا فيها .. لم يكن له أن يقطع بعدم صحة توبته ويوقعه في اليأس بعدما ظهر ندمه على فعله.
(ثم) بعدما قتل القتَّال الراهب (عَرضَتْ له) أي: ظهرت للقتَّال (التوبة) أي: ظهر له أن يتوب إلى الله تعالى (فسأل) القتَّال الناس مرة ثانية (عن أعلم أهل الأرض) في ذلك الزمان (فدُلَّ) القتَّال بالبناء للمجهول؛ أي: دله الناس (على رجل) هو أعلم أهل الأرض في ذلك الوقت (فأتاه) القتَّال؛ أي: أتى ذلك الرجلَ العالم الذي دُلَّ عليه.