تلك الغنم بسهم فقُتِلَتْ واحدةٌ مِن أوائلها (فنفَرَ) أي: شرد (آخرُها) أي: من الماء ولم تشرب؛ أي: رجعت بقيةُ الغنم؛ لخوفِ القَتْل، فكذلك ينبغي لك أن تَقْتلَ هذا الأولَ، حتى يكون قَتْلهُ عِظةً واعتبارًا للآخرين، قاله السندي.
(فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم) لقوم عيينة: يُعطَى (لكم خمسون) من الإبل (في سفرنا و) يُعطى (خمسون) منها (إذا رجعنا) إلى المدينة (فقَبِلُوا الديةَ).
قوله:(وقال رجل من بني ليث يقال له مكيتل: يا رسول الله؛ والله ما شبهتُ هذا القتيل في غرة الإسلام) قال السيوطي في "مرقاة الصعود": معنى هذا المثل: إن مَثَل محلم في قتله الرجل وطلبه ألا يُقْتصَّ منه، وتُؤخذ منه الدية، والوقتُ أولَ الإسلام وصَدْرَه؛ كمثل هذه الغنم النافرة؛ يعني: إن جرى الأمر مع أولياء هذا القتيل على ما يريد محلِّم .. ثَبَّطَ الناسَ عن الدخول في الإسلام مَعْرفتُهُم أنَّ القود يغير بالديةِ والعوضِ خصوصًا، وهم حِرَاصٌ على دَرْكِ الأوثار، وفيهم الأنَفةُ مِن قبولِ الديات.
قوله:"لكم خمسون في سفرنا ... " إلى آخره؛ أي:(خمسون) إبلًا لولي المقتول (في فورنا هذا) أي: في الوقت الحاضر لا تأخير فيه (وخمسون) إبلًا له (إذا رجعنا) من سفرنا إلى المدينة (فقبلوا) أي: قبل أولياء القتيل (الدية) ورضوا بها، وهذا موضع الترجمة.
* * *
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، أخرجه مطولًا، وأما ابن ماجه .. فرواه مختصرًا جدًّا، فراجع "أبا داوود".