قال الشوكاني في "النيل" بعد ذكر كلام الترمذي هذا: وحكاه صاحب "الكشاف" عن عمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وعكرمة ومالك والشافعي. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الديات، باب من قتل عبده، والترمذي في كتاب الديات، باب ما جاء في الرجل يقتل عبده، والنسائي في كتاب القسامة، باب القود من السيد للمولى، وأحمد، وابن أبي شيبة في "مصنفه".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، ولكن العبد مؤول بالعتيق؛ كما تدل عليه ترجمة النسائي، أو منسوخ، وناسخه الآيَةُ المذكورةُ آنفًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة بتأويل العبد بالعتيق، والاستفهام فيها تقريري؛ أي: يقتل السيد بعبده الذي أعتقه؛ لأنه حر مثله، وفي تعبيره بالعبد مجاز بما كان.
قال السندي: قوله: "قتلناه" اتفق الأئمة على أن السيد لا يقتل بعبده، وقالوا: الحديث وارد على الزجر والردع والتهديد؛ ليرتدعوا ولا يقدموا على ذلك، وقيل: ورد في عبد أعتقه سيده، فسمي عبده باعتبار ما كان، وقيل: منسوخ.
قلت: حاصل الوجه الأول: أن المراد بقوله: "قتلناه" وأمثاله؛ كجدعناه، عاقبناه، وجازيناه على سوء صنيعه، إلا أنه عبر بلفظ القتل ونحوه للمشاكلة؛ كما في قوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}(١)، وفائدة هذا التعبير: الزجر والردع، وليس المراد: أنه تكلم بهذه اللفظة؛ لمجرد الزجر من غير أن يريد