للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَتَلَهَا، فَرَضَخَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.

===

لأنه إذا وضع رأسه على حجر ورمى بحجر آخر .. فقد رجم ورض وقد رضخ. انتهى منه.

(فقتلها) أي: فقتل ذلك اليهودي تلك المرأة بالحجارة (فرضخ) أي: شدخ (رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه) أي: رأس ذلك اليهودي (بين حجرين) مجازاة له بمثل عمله.

وفي هذا الحديث دلالة على أن من قتل بشيء .. قتل به، وقد اختلف فيه: فذهب الجمهور إلى أنه يقتل بمثل ما قتل به من حجر أو عصًا أو تغريق أو خنق أو غير ذلك ما لم يقتله بفسق؛ كاللوطية وإسقاء الخمر، فيقتل بالسيف، وحجتهم هذا الحديث، وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (١)، وقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (٢)، والقصاص في أصله: المساواة في الفعل، ومن هؤلاء من خالف في التحريق بالنار وفي قتله بالعصا، فجمهورهم على أنه يقتل بذلك.

وقال ابن الماجشون وغيره: لا يحرق بالنار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يعذب بالنار إلا الله" رواه أحمد والبخاري وأبو داوود والترمذي، وقال مالك في إحدى الروايتين عنه: إنه إن كان في قتله بالعصا تطويل وتعذيب .. قتل بالسيف، وفي الأخرى: يقتل بها وإن كان فيها ذلك، وهو قول الشافعي.

وقال الشافعي فيمن حبس رجلًا أيامًا حتى مات جوعًا أو عطشًا، أو قطع يديه ورجليه، ورمى به من جبل: أن يفعل به مثل ذلك؛ فإن مات .. فذاك، وإلا .. قتل، وذهبت طائفة إلى خلاف ذلك كله فقالوا: لا قود إلا بالسيف، وهو مذهب


(١) سورة البقرة: (١٩٤).
(٢) سورة المائدة: (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>