وذكر الحافظ هذا الحديث في "التلخيص" وفيه: يَرث الرجلَ أَخوهُ لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه، وعزاه للترمذي وابن ماجه والحاكم.
فإن قلت: إذا كان الدين مقدمًا على الوصية .. فلم قدمت عليه في التنزيل؟ قلت: اهتمامًا بشأنها.
وفي "الكشاف": لما كانت الوصية مشبهة بالميراث في كونها مأخوذة من غير عوض .. كان إخراجها مما يشق على الورثة ويتعاظم ولا تطيب أنفسهم بها، كان أداؤها مظنة للتفريط، بخلاف الدين؛ فإن نفوسهم مطمئنة إلى أدائه، فلذلك قدمت على الدين؛ بعثًا على وجوبها والمسارعة إلى إخراجها مع الدين، ولذلك جيء بكلمة "أو" فيه للتسوية بينهما في الوجوب، قاله القاري.
قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم؛ أنه يبدأ بالدين قبل الوصية.
قال الحافظ في "الفتح": ولم يختلف العلماء في أن الدين يقدم على الوصية إلا في صورة واحدة؛ وهي ما إذا أوصى لشخص بألف مثلًا، وصَدَّقَه الوارثُ وحُكم به، ثم ادعى آخر أن له في ذمة الميت دينًا يستغرق موجوده، وصدقه الوارث .. ففي وجه للشافعية أنها تقدم الوصية على الدين في هذه الصورة الخاصة، وأما تقديم الوصية على الدين في قوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}(١) .. فقد قيل في ذلك: إن الآية ليس فيها صيغة قرتيب، بل المراد: أن المواريث إنما تقع بعد قضاء الدين وإنفاذ الوصية، وأتى بـ (أو) للإباحة، وهي كقولك: جالس زيدًا أو عمرًا؛ أي: لك مجالسة كل واحد منهما