للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَيَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، فَإِذَا جَاؤُوكُمْ .. فَاستَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا".

===

الأصحاب (سيأتونكم) أي: سيأتون إليكم لطلب العلم (من أقطار الأرض) ونواحيها، حالة كونهم (يتفقهون في الدين) أي: يريدون التفقه والتفهم في أحكام الدين الاعتقادية والعملية.

وعبارة "تحفة الأحوذي": قوله: (إن الناس تبع لكم) جمع تابع؛ كخدم وخادم، والخطاب لعلماء الصحابة؛ يعني: أن الناس يتبعونكم في أفعالكم وأقوالكم؛ لأنكم أخذتم عني مكارم الأخلاق، وفيه مأخذ لتسمية التابعي تابعيًا، وإن كانت التبعية عامةً بواسطة أو بغير واسطة، ولكن المطلق ينصرف إلى الكامل، (من أقطار الأرض) جمع قطر -بضم القاف وسكون الطاء المهملة- الناحية والجانب؛ أي: من جوانبها وأطرافها (يتفقهون في الدين) أي: يطلبون الفقه والفهم فيه، والجملة استئنافيّة لبيان علة الإتيان، أو حال من المرفوع في يأتونكم، وهو أقرب إلى الذوق. قاله الطيبي.

(فإذا جاؤوكم) بهذا القصد، وآثر (إذا) على (إن) لإفادتها تحقق وقوع هذا الأمر من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم؛ لوقوع ذلك كما أخبر به .. (فاستوصوا) أي: فليوص بعضكم بعضًا؛ أي: فليأمر بعضكم بعضًا بأن يفعل (بهم) أي: بهؤلاء التابعين (خيرًا) ومصلحة في تعليمهم علوم الدين وتحقيقهم بها، أو المعنى: اطلبوا الوصية والنصيحة بهم من أنفسكم، فالسين والتاء للطلب؛ فيكون الكلام من باب التجريد؛ أي: ليجرد كلّ منكم شخصًا من نفسه ويطلب منه التوصية والنصيحة في حق الطالبين ومراعاة أحوالهم.

وقيل: الاستيصاء: طلب الوصية من نفسه، أو من غيره بأحد أو بشيء؛ يقال: استوصيت زيدًا بعمرو خيرًا؛ أي: طلبت من زيد أن يفعل بعمرو خيرًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>