للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاس، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَانْطَلَقُوا قِبَلَ الصَّوْت، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ

===

عليه وسلم؛ فإنه ما سئل قط شيئًا فمنعه إذا كان مما يصح بذله وإعطاؤه (وكان) صلى الله عليه وسلم (أشجع الناس) أي: أشدهم إقدامًا على العدو.

قال الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٥٧): اقتصار أنس على هذه الأوصاف الثلاثة من جوامع الكلم؛ لأنها أمهات الأخلاق؛ فإن في كل إنسان ثلاث قوى؛ إحداها: الغضبية، وكمالها الشجاعة، وثانيها: الشهوانية، وكمالها: الجود، وثالثها: العقلية، وكمالها: النطق بالحكمة.

وقد أشار أنس إلى ذلك بقوله: (كان أحسن الناس) لأن الحسن يشمل الفعل والقول، ويحتمل أن يكون المراد بـ (أحسن الناس): حسن الخلقة، وهو تابع لاعتدال المزاج الذي يتبع صفاء النفس الذي منه جودة القريحة التي تنشأ عنها الحكمة.

(ولقد) يدل على كونه أشجع الناس، أي؛ أنه (فزع) وفجع (أهل المدينة) المنورة ذات (ليلة) أي: ليلة من الليالي، فلفظة: (ذات) على رواية مسلم مقحمة، أو الإضافة فيه من إضافة المسمى إلى الاسم؛ أي: ذاتًا تسمى ليلةً؛ أي: سمعوا صوتًا يفزعهم في الليل، فخافوا من هجوم العدو عليهم (فانطلقوا) أي: انطلق ناس من أهل المدينة (قبل الصوت) أي: ذهبوا جهة الصوت تجسسًا عنه (فتلقاهم) أي: تلقى الناس الذين ذهبوا إلى جهة الصوت؛ أي: استقبلهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم) راجعًا من جهة الصوت بعد التجسس عنه (و) الحال أنه صلى الله عليه وسلم (قد سبقهم) أي: قد سبق أولئك الناس (إلى) جهة (الصوت) وتجسس عنه، ولم يجد شيئًا مما يفزعهم

<<  <  ج: ص:  >  >>