فاخرجوا إلى الجهاد وجوبًا؛ لوجوب طاعة ولي الأمر، فالحديث يدل على أن الجهاد فرض عين عند طلب الإمام الخروج له.
وفي "الزوائد": إسناده صحيح رجاله ثقات، ويشهد لهذا الحديث قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}(١).
ومعنى الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {خُذُوا} أسلحتكم والزموا {حِذْرَكُمْ} أي: احترازكم واحتراسكم من عدوكم، ولا تمكنوه من أنفسكم، واستعدوا لاتقاء شره وحربه؛ بأن تعرفوا حاله ومبلغ استعداده وقوته، وإذا كان لكم أعداء كثيرون .. فاعرفوا ما بينهم من وفاق وخلاف، واعرفوا الوسائل لمقاومتهم إذا هجموا عليكم، واعملوا بتلك الوسائل، ويدخل في ذلك: معرفة حال العدو، ومعرفة أرضه وبلاده، وأسلحته واستعمالها، وما يتوقف على ذلك من معرفة الهندسة والكيمياء وجر الأثقال.
وبالجملة: يجب اتخاذ أهبة الحرب المستعملة فيها؛ من طيارات وقنابل ودبابات وبوارج مدرعة ومدافع مضادة للطائرات، إلى نحو ذلك؛ حتى لا يهاجمكم على غرة، أو يهددكم في دياركم، ويأخذ أراضيكم، وحتى لا يعارضكم في إقامة دينكم أو دعوتكم {فَانْفِرُوا} أي: فاخرجوا لقتال عدوكم وانهضوا لمقاومته {ثُبَاتٍ} أي: جماعات بعد جماعات، سرية بعد سرية {أَوِ انْفِرُوا} واخرجوا إلى لقائه كلكم {جَمِيعًا} كوكبةً واحدةً، والتخيير فيه لولاة الأمور بحسب اجتهادهم؛ والمراد: بادروا كيفما أمكن؛ أي: فانفروا جماعة إثر جماعة؛ بأن تكونوا فصائل وفرقًا، إذا كان الجيش كبيرًا، أو موقع العدو يستدعي ذلك، أو تنفر الأمة كلها جميعًا إذا اقتضت الحال ذلك.