للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ

===

عليه وسلم في جواب سؤالنا، كذا صحت الرواية، ولم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هو المراد منها؛ أي: من الرواية قطعًا، ألا ترى قوله: (فقال) وأسند الفعل إلى ضميره، وإنما سكت عنه؛ للعلم به، فهو؛ أي: الحديث مرفوع، وليس هذا المعنى الذي في هذا الحديث، مما يتوصل إليه بعقل ولا قياس، وإنما يتوصل إليه بالوحي، فلا يقال: هو موقوف على عبد الله بن مسعود. انتهى من "المفهم".

(فقال) رسول الله في جواب سؤالهم: (أرواحهم كطير خضر) وفي رواية مسلم والترمذي: (في جوف طير خضر) ولفظهما أوضح من رواية ابن ماجة، والكاف في روايته بمعنى: في، والكلام عليها على حذف مضاف لِتَتَّفِقَ روايتهما؛ وهي: (أرواحهم في جوف طير خضر) والمعنى: أرواح الذين قتلوا في سبيل الله محفوظة في جوف طير خضر مُكْرَمَةٌ ومُنْعَمةٌ فيه.

والمراد بجوفه: حوصلته؛ والحوصلةُ للطير كالكَرِشِ لسائر الحيوان؛ أي: مكرمةٌ منعمةٌ في حوصلته؛ كما في الحديث الآخر: (في حواصل طير خضر) والطيرُ: جمع طائر ويطلق على الواحد، والخضرُ جمع أخضر؛ كحمر جمع أحمر؛ أي: مستقرةٌ في حواصلها؛ صيانةً لتلك الأرواح، ومبالغةً في إكرامها، لإطلاعها على ما في الجَنَّة من المحاسن والنعم؛ كما يطلع الراكب المظلل عليه بالهودجِ الشفافِ الذي لا يحجب عما وراءه.

وفي رواية مسلم زيادة: (لها) أي: لتلك الأرواح (قناديل معلقة بالعرش) الله أعلم بحقيقتها، غير أن ما جاء به الحديث هو أن هذه القناديل لأَرواحِ الشهداء بمنزلةِ الأوكار للطائر؛ لأن تلك الأرواح تأوي وترجع إلى تلك القناديل للمبيت؛ لأنَّها مُستقرُّها ومنزلُها إلى يوم القيامة، تغدو وتبكر تلك الأرواح من تلك

<<  <  ج: ص:  >  >>