القناديل و (تسرح) أي: ترتع وتأكل (في الجَنَّة) أي: من نعيمها وثمارها (في أيها شاءت) بدل من الجار والمجرور في قوله: (في الجَنَّة) أي: ترتع وترعى من ثمار الجَنَّة من أي ثمار الجَنَّة شاءت (ثم) بعدما أكلت من ثمارها (تأوي) وترجع (إلى قناديل معلقة بالعرش) للمبيت فيها؛ لأنَّها مستقرها ومنزلها إلى يوم القيامة.
والحاصل: أن الله سبحانه يخلق لأرواحهم بعدما فارقت أبدانهم هياكل على تلك الهيئة التي تتعلق بها وتكون خلفًا عن أبدانهم، وإليها الإشارة بقوله تعالى:{أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} فيتوسلون بها إلى نيل ما يشتهون من اللذائذ الحسية، وإليه يرشد قوله تعالى: {يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (١).
(فبينما هم) كائنون (كذلك) أي: متقلبين مترددين بين الجَنَّة والقناديل؛ أي: فبينا أوقات تنقلهم وترددهم بين الجَنَّة والقناديل (إذ اطلع عليهم ربك) أي: فاجأهم نظر ربك إليهم؛ فإذ حرف فجاءة رابطة لجواب بينما؛ أي: نظر إليهم ربك يا محمد (اطلاعةً) أي: نظرةً.
قوله:(فاطلع) بتشديد الطاء؛ لأنه من باب الافتعال، وإنما قال:"اطلاعةً" ليدل على أنه ليس من جنس اطلاعنا على الأشياء.
قال القاضي: عداه بإلى وحقه أن يعدى بعلى؛ لتضمنه معنى الانتهاء.
والمعنى: نظر إليهم نظرةً؛ أي: اطلاعًا يليق بجلاله سبحانه وتعالى، نثبته ونعتقده، لا نكيفه ولا نمثله؛ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.