وعبارة القرطبي: أي: تجلى لهم برفع حجبهم، وكلمهم مشافهةً بغير واسطة مبالغةً في الإكرام، وتتميمًا للإنعام. انتهى.
قوله:(فيقول) هو بمعنى: (فقال) لأنه معطوف على "اطلع" كما في روايتهما؛ أي: فقال لهم ربهم: (سلوني ما شئتم) من التحف والعطايا (قالوا) لربهم في جواب كلامه: يا (ربنا؛ ماذا نسألك) أي: أي شيء نسألك (ونحن نسرح) ونأكل ونتمتع (في) نعيم (الجَنَّة في أيها شئنا؟ ! ) أي: في أي ثمارها شئنا، وفيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.
(فلما رأوا) وأيقنوا (أنهم لا يتركون من أن يسألوا) ويجيبوا .. (قالوا): يا رب (نسألك أن ترد أرواحنا في أجسادنا) ثم تردنا (إلى الدنيا حتى) نجاهد و (نقتل في سبيلك) مرّة أخرى (فلما رأى) وعلم ربهم (أنهم لا يسألون إلَّا ذلك) أي: إلَّا الرد إلى الدنيا فيجاهدوا مرّةً ثانيةً .. (تركوا) على ما هم عليه؛ لأن ما سألوه من الرجوع إلى الدنيا والقتل مرّة أخرى ليس مما سئلوا عنه؛ لأنه يتعلق بدار العمل التي انقضى أجلها، ولم يكن هذا السؤال إلَّا إكرامًا لهم وزيادة في الإنعام؛ ليعطوا ما يشتهونه في هذا العالم لا في العالم الماضي، ولم يكن إلَّا اعترافًا بنهايةٍ من الإكرام وشكرًا عليه، وإنهم ليس لهم حاجة ممكنة .. إلَّا وقد قضاها الله تعالى لهم. انتهى "تكملة".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الإمارة، باب في بيان أن أرواح الشهداء في الجَنَّة وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، والترمذي