للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فالمؤمن غير الشهيد هو الذي يعرض عليه مقعده من الجَنَّة، وهو في موضعه من القبر، أو الصور، أو حيث شاء الله تعالى غير سارح في الجَنَّة، ولا داخل فيها، وإنما يدرك منزله فيها، بخلاف الشهيد؛ فإنه يباشر ذلك ويشاهده وهو فيها، على ما تقدم.

وكذلك أرواح الكفار تشاهد ما أعد الله لها من العذاب عند عرض ذلك عليها؛ كما قال تعالى في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (١).

وعند هذا العرض تدرك روح الكفار من الألم والتخويف والحزن والعذاب بالانتظار ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فنسأل الله تعالى العافية منها.

كما أنه يحصل للمؤمن عند عرض الجَنَّة عليه؛ من الفرح والسرور والتنعم بانتظار المحبوب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فإذا أعيدت الأرواح إلى الأجساد .. استكمل كلّ فريق ما أعد الله له، وبهذا الذي ذكرناه تلتم الأحاديث وتتفق، والله الموفق.

وقد حصل من مجموع الكتاب والسنة أن الأرواح باقية بعد الموت، وأنها منعمة أو معذبة إلى يوم القيامة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وقد اختلف الناس في الأرواح قديمًا وحديثًا ما هي؟ وعلى أي حال هي؟ اختلافًا كثيرًا، واضطربوا فيها اضطرابًا شديدًا، الواقف عليه يتحقق أن الكل منهم على غير بصيرة منها، وإنما هي أقوال صادرة عن ظنون متقاربة، ولا يشك أنَّها مما انفرد الله تعالى بعلم حقيقته، وعلى هذا المعنى حمل أكثر المفسرين


(١) سورة غافر: (٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>