قوله تعالى:{قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}(١)، فليقطع العاقل طمعه من علم حقيقته، ولينظر هل ورد في الأقوال الصادقة ما يدلُّ على شيء من صفتها.
وعند تصفح ذلك واستقراء ما هناك يحصل للباحث أن الروح: أمر ينفخ في الجسد، ويقبض ويتوفى بالنوم والموت، ويؤمن ويكفر، ويعلم ويجهل، ويفرح ويحزن، ويتنعم ويتالم، ويخرج ويدخل، والإنسان يجد من ذاته بضرورته قابلًا للعلوم وأضدادها، وللفكر وأضداده، ولغير ذلك من المعاني.
فيحصل من مجموع تلك الأمور على القطع بأن الروح ليس من قبيل الأعراض؛ لاستحالة كلّ ما ذكر عليها، فيلزم أن يكون الروح من قبيل ما يقوم بنفس، وأنه قابل للأعراض.
وهل هو متحيز أو غير متحيز؟
ذهب أكثر أهل الإسلام إلى أن ذلك من أوصاف الحق سبحانه وتعالى الخاصة به، وأنه لا تصح مشاركته في ذلك؛ لأدلة تذكر في علم الكلام، وأن الروح قائم بنفسه متحيز؛ فهو من قبيل الجواهر. انتهى من "المفهم".
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:
الأول للاستئناس، والثاني للاستدلال، والثلاثة الباقية للاستشهاد.