(خدعة) فيه ثلاث لغات مشهورات، اتفقوا على أن أفصحهن خدعة بفتح الخاء وبإسكان الدال، والثانية: ضم الخاء مع إسكان الدال، والثالثة: ضمها مع فتح الدال، واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب كيف أمكن الخداع، إلا أن يكون فيه نقض عهد أو نقض أمان فلا يحل. انتهى.
وظاهر هذا أن المعنى على هذه الوجوه الثلاثة واحد، لكن كلام غيره يقتضي الفرق، وأنه بفتح الخاء للمرة؛ أي: إن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة؛ فإنها قد تقوم مقام الحرب، وبضمها مع السكون: اسم من الخداع، وبضمها مع الفتح معناه: أنها تعتاد الخداع وتكثره؛ كاللعبة والضحكة لمن يكثر اللعب والضحك؛ أي: إن الحرب تخدع الرجال وتمنيهم ولا تفي لهم. انتهى من "السندي".
ومعنى الخداع فيها: أن قائد الجيش يسترها بذكر غيرها، ويظهر للناس أنَّه يريد غيرها؛ لما فيه من الحزم وإغفال العدو، إلا من جاسوس يطلع على ذلك، فيخبر به العدو، أفاده ابن الملك، كذا في "مرقاة الصعود".
واعلم: أن جملة ما فيها من اللغات خمس، هذه الثلاثة هي خلاصة ما ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول".
والرابعة: خدعة بفتح الخاء والدال كلتيهما، حكاها المنذري، وقال: وهو جمع خادع؛ أي: إن أهل الحرب خدعة يخدعون خصومهم.
والخامسة: خدعة - بكسر الخاء وسكون الدال - حكاها مكي ومحمد بن عبد الواحد، ولعلها اسم هيئة من الخداع؛ كأنه قال: الحرب هيئة مخصوصة من الخداع، وهاتان الأخيرتان ذكرهما الحافظ في "فتح الباري"(٦/ ١٥٨).
وبهذا الحديث استدل الفقهاء على جواز الكذب في الحرب؛ حملًا للحديث