في الرواية التالية (عن أهل الدار) والمنزلِ والقريةِ والمحلِ (من المشركين) وفي رواية مسلم: (عن الذراري من المشركين) أي: سئل عن حكم قتل نساء المشركين وصبيانهم الذين (يبيتون) بالبناء للمفعول - بضم الياء الأولى وفتح الثانية المشددة - أي: الذين يغار عليهم ويهجمون في الليل بالإغارة؛ أي: سئل عن حكم نسائهم وصبيانهم إذا أغار المسلمون عليهم في الليل.
(فيصاب النساء والصبيان) منهم بالقتل والجرح؛ أي: يصيب المسلمون نساءهم وصبيانهم بالقتل والجرح هل يجوز ذلك أم لا؟ فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب هذا السؤال: (هم) أي: نساؤهم وصبيانهم (منهم) أي: من رجالهم في الحكم؛ أي: مثل آبائهم في جواز إصابتهم إذا لَمْ يتعمدوهم بالقتل والجرح من غير ضرورة؛ يعني: إذًا لا بأس في إصابة النساء والصبيان، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم، بل المراد إذا لَمْ يمكن الوصول إلى الآباء إلَّا بقتل الأبناء؛ لاختلاطهم وتسترهم بالأبناء .. جاز قتلهم، كذا في "فتح الباري".
والمعنى: هم؛ أي: نساؤهم وصبيانهم كرجالهم المقاتلة في الحكم، فلا بأس في قتلهم، ومنه يؤخذ حكم قذف القنابل في عصرنا هذا؛ فإنه يجوز قذف القنابل إليهم، إذا لَمْ يقصد بها النساء والصبيان، بل أريد بها النكاية في العدو؛ فإن أصيب بها النساء والصبيان من غير قصد .. فلا بأس، والله أعلم.
ثم إن تحريم قتل النساء والصبيان مقيد عند الجمهور بما إذا لَمْ يقاتلوا، فإن قاتلوا .. فلا بأس بقتلهم، والدليل على ذلك: ما أخرجه أبو داوود