الهجرة إذ ذاك واجبة، فهذه الخصلة مفرعة على الخصلة الأولى (وأخبرهم إن فعلوا ذلك) التحول (أن لهم ما للمهاجرين) غيرهم من الحقوق؛ من الفيء والغنيمة (وأن عليهم ما على المهاجرين) قبلهم؛ من الغزو والدعوة إلى الإسلام (وإن أبوا) وامتنعوا من أن يتحولوا إلى دار الإسلام. . (فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين؛ يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين) غيرهم من العقوبات الدينية والحدود الشرعية (ولا يكون لهم) حينئذٍ (في الفيء والغنيمة شيء) أي: نصيب (إلا أن يجاهدوا) في سبيل الله (مع المسلمين) غيرهم (فإن هم أبوا) وامتنعوا (أن يدخلوا في الإسلام. . فسلهم) أي: فاطلب منهم (إعطاء الجزية) وأداءها إلينا بعقد الذمة لهم.
والجزية - بكسر الجيم وإسكان الزاي -: مال مأخوذ من أهل الذمة؛ لإسكاننا إياهم في دارنا، أو لحقن دمائهم وذراريهم وأموالهم، أو لكفنا عن قتالهم.
وأقلها عند الشافعية والجمهور: دينار في كل حول، ومن المتوسط: ديناران، ومن الموسر: أربعة؛ استحبابًا. انتهى "قسطلاني".
(فإن فعلوا) أداء الجزية في كل حول. . (فاقبل) ها (منهم، وكف) أي: وامنع نفسك (عنهم) أي: عن التعرض لهم بقتل أو سبي أو إيذاء، وهذا حجة للحنفية والمالكية في جواز أخذ الجزية من غير أهل الكتاب؛ لأن الحديث يدل على سؤال الجزية من الكفار والمشركين عامةً، وليس فيه ذكر أهل الكتاب