يجوز إعطاء ذمة الله للكفار، ويتمسك بظاهر الحديث، فمقتضى مطلق النهي حرمة المنهي عنه، وإنما كره له ذلك لمعنىً في غير المنهي عنه؛ وهم أنهم قد يحتاجون إلى النقض؛ لمصلحة يرونها في ذلك، فأن ينقضوا عهدهم أهون من أن ينقضوا عهد الله ورسوله، وذلك لا بأس به عند الحاجة إليه، قال تعالى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}(١).
(وإن حاصرت) ومنعت (حصنًا) أي: أهل حصن وقلعة من النزول من قلعتهم (فأرادوك) أي: فطلبوا منك (أن ينزلوا على حكم الله) تعالى من حصنهم برفع الحصار وتركه. . (فلا تنزلهم) من حصنهم (على حكم الله) تعالى؛ أي: على ما حكم الله تعالى فيهم؛ من القتل أو المن أو الاسترقاق أو الفداء، فلا تنزلهم من حصنهم على حكم الله تعالى (ولكن أنزلهم) من الحصن (على حكمك) أي: على ما حكمت أنت فيهم باجتهادك (فإنك لا تدري) ولا تعلم إذا أنزلتهم على حكم الله (أتصيب فيهم) وتوافق في حكمك عليهم (حكم الله أم لا) تصيب حكم الله فيهم؟ فإن الحكم في زمنه صلى الله عليه وسلم مُعرَّض للنسخ والرفع؛ والمعنى: أنك إذا حكمت وأنت غائب عني. . فإنك لا تأمن أن يكون ذلك الحكم نُسِخَ بعد غيبتك عني. انتهى من "الأبي".
قوله: "فلا تنزلهم على حكم الله" حمل محمد بن الحسن النهي فيه على التحريم، وحمله أبو يوسف على التنزيه.