مصالحهم أنبياؤهم؛ كما تتولى الأمراء والوزراء بسياسة الرعية وتدبير مصالحهم؛ والسياسة: القيام على الشيء بما يصلحه. انتهى "نهاية".
(كلما ذهب) ومات وهلك (نبي) من أنبيائهم .. (خلفه) أي: استخلف عن الذي مات (نبي) آخر في سياستهم وتدبير أمورهم (و) أما أنا .. فـ (إنه) أي: إن الشأن والحال (ليس كائن) أي: موجود (بعدي نبي فيكم) يكون خليفة عني في النبوة والسياسة، فلفظ:(كائن) زائدة هنا؛ والتقدير: فإنه ليس بعدي نبي؛ كما تزاد:(كان) بلفظ الماضي (قالوا) أي: قال الحاضرون من الصحابة: (فما يكون) ويوجد بعدك (يا رسول الله؟ ).
فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم: (تكون) وتوجد بعدي (خلفاء) يقومون بسياسة أمتي (فيكثروا) هكذا في الرواية بحذف النون من غير جازم أو ناصب، والمعنى: فتكثر الخلفاء بعدي؛ يعني: أنه لا نبي بعدي، فيفعل ما كان يفعله أنبياء بني إسرائيل، وهذا من أوضح الأدلة على أن النبوة قد انتهت بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ونفي جنس النبوة بعده صلى الله عليه وسلم يعم كلّ نوع من أنواع النبوة، سواء كانت بشريعة جديدةٍ أو لا، وقد أجمعت الأمة على أن من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم .. فإنه كافر كذاب.
(قالوا) أي: قال الحاضرون من الأصحاب: فماذا تأمرنا به حينئذ؛ أي: حين إذ كثرت الخلفاء (فكيف نصنع؟ ) فيهم، فهل نطيع الكل ونسمعهم أو نترك الكل؟ فـ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم: (أوفوا) أمر من أوفى الرباعي، وفي رواية مسلم:(فوا) أمر من وفى الثلاثي؛