تعلف العلف السابق (من ثنية الوداع) أي: كان يأمر بالسباق بينها (من ثنية الوداع) المذكورة آنفًا (إلى مسجد بني زريق) - بتقديم الزاي المضمومة والراء المفتوحة مصغرًا - وبينها وبين مسجد بني زريق الذي هو غاية السباق ميل واحد أو نحوه، ذكره الأبي عن القاضي عياض.
ودل الحديث على جواز أن يقال: مسجد فلان أو مسجد بني فلان، على أن تكون الإضافة للتعريف، وقد عقد البخاري لذلك بابًا في الصلاة، واستدل على ذلك بهذا الحديث.
وقال النووي: إن في هذا الحديث جواز المسابقة بين الخيل، وجواز تضميرها، قال: وهما مجمع عليهما؛ للمصلحة في ذلك، وجواز تدريب الخيل ورياضتها وتمرينها على الجري وإعدادها لذلك؛ لينتفع بها عند الحاجة في القتال كرًا وفرًا، وقال النووي أيضًا: وقد اختلف العلماء في أن المسابقة بينهما مباحة أو مستحبة، ومذهب أصحابنا أنَّها مستحبة؛ لما ذكرناه آنفًا، وأجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض بين جميع أنواع الخيل قويها مع ضعيفها، وسابقها مع غيره، سواء كان معها ثالث أم لا، فأما المسابقة بعوض .. فجائزة بالإجماع، لكن يشترط أن يكون العوض من غير المتسابقين، أو يكون بينهما ويكون معهما محلل؛ وهو ثالث على فرس مكافئ لفرسيهما، ولا يخرج المحلل من عنده شيئًا؛ ليخرج هذا العقد عن سورة القمار، وليس في هذا الحديث ذكر عوض في المسابقة، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب هل يقال: مسجد بني فلان، وفي كتاب الجهاد، باب إضمار الخيل للسبق، وفي كتاب الاعتصام، ومسلم في كتاب الإمارة، باب المسابقة بين الخيل وتضميرها،