وقوله:"يمنع أحدكم نومه ... " إلى آخره، وقد وقع عند الطبراني بلفظ:(لا يهنأ أحدكم بنومه ولا طعامه ولا شرابه)، ذكره الحافظ في "الفتح"(٣/ ٦٢٣).
وهذا جار على الأكثر والأغلب؛ والمقصود منه: ألا يسافر الرجل إلا لحاجة، فإذا قضى وحَصَّل أحدكم نهمته - بفتح النون وسكون الهاء - أي: حاجته من سفره؛ أي: في سفره، أو المعنى: غرضه من سفره، وفي رواية مسلم:(من وجهه) أي: من مقصده .. فليعجل؛ أي: فليسرع الرجوع إلى أهله؛ أي: لا يتأخر لغير حاجة مقصودة له؛ أي: فليرجع إلى أهله بسرعة؛ ليزول عذابه، ويطيب له طعامه وشرابه، وتزول مشقته.
قال الحافظ في "الفتح"(٣/ ٦٢٣): قال ابن عبد البر: زاد فيه بعض الضعفاء عن مالك: (وليتخذ لأهله هدية وإن لم يجد إلا حجرًا) يعني: حجر الزناد، قال: وهي زيادة منكرة.
وفي الحديث كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة، واستحباب استعجال الرجوع، ولا سيما من يخشى عليهم الضياع بالغيبة، ولما في الإقامة عند الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا، ولما في الإقامة من تحصيل الجماعات والقوة على العبادة.
قال ابن بطال: ولا تعارض بين هذا الحديث، وحديث ابن عمر مرفوعًا:"سافروا .. تصحوا" لأنه لا يلزم من الصحة بالسفر - لما فيه من الرياضة - ألا يكون قطعة من العذاب؛ لما فيه من المشقة، فصار كالدواء المر المعقب للصحة، وإن كان في تناوله الكراهة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العمرة، باب