(والحج المبرور) أي: المقبول المقابل بالبر؛ وهو الثواب، يقال - كما في "المصباح" -: بر الله تعالى حجه؛ أي: قبله، وبابه علم، أو الذي لم يخالطه ذنب، أو لا رياء فيه ولا سمعة ولا شهرة ولا تسمية فيه باسم الحاج، قال ابن خالويه: المبرور المقبول، وقال غيره: هو الذي لم يخالطه شيء من الذنب؛ ورجحه النووي، وقال القرطبي: الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى؛ وهي أنه هو الحج الذي توفرت أحكامه، ووقع موقعًا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل، والله أعلم، وقيل: إنه يظهر بآخره؛ فإن رجع خيرًا مما كان .. عرف أنه مبرور.
ولأحمد والحاكم من حديث جابر: قالوا: يا رسول الله؛ ما بر الحج؟ قال: "إطعام الطعام، وإفشاء السلام"، وفي إسناده ضعف، فلو ثبت .. لكان هو المتعين دون غيره، كذا في "الفتح".
قلت: وفي "مجمع الزوائد" للحافظ الهيثمي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"، قيل: وما بره؟ قال: "إطعام الطعام، وطيب الكلام". رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن. انتهى.
وقال ابن العربي: قيل: هو؛ أي: الحج المبرور الذي لا معصية بعده، قال الأبي: وهو الظاهر؛ لقوله في الحديث الآخر: "فمن حج هذا البيت، فلم يرفث ولم يفسق" إذ المعنى: حج، ثم لم يفعل شيئًا من ذلك، ولهذا عطفها بالفاء المشعرة بالتعقيب، وإذا فسر بذلك .. كان الحديثان بمعنىً واحد، وتفسير الحديث بالحديث أولى. انتهى.
قوله:(ليس له جزاء إلا الجنة) قال النووي: معناه: أنه لا يقتصر لصاحبه