(بواد) من الأودية التي كانت بين مكة والمدينة؛ أي: مررنا معه في واد منها (فقال) لمن حضره وقرب منه: (أي واد هذا) الوادي؟ أي: بأي اسم يسمى هذا الوادي؟ والأظهر في سؤاله أنه استفهام، وأنه كان لا يعلم أنه وادي الأزرق، ويحتمل: أنه استنطاق.
فإن قلت: عادتهم في الاستنطاق أن يقولوا: الله ورسوله أعلم.
قلت: إنما ذلك في الأمور العلمية، وهذا خبر عن محسوس.
فإن قلت: قد قالوا ذلك حين قال: "أي بلد هذا؟ "، "أي شهر هذا؟ " وهما محسوسان.
قلت: ذلك استجلاب لما عسى أن يخبرهم بما لا يعلمون. انتهى "أبي".
قال السنوسي: قلت: هذا جواب بما هو مشترك بين المحلين، فيحتاج إلى الفرق، وقد يفرق بأن السؤال في قوله:"أي بلد هذا؟ " سؤال عن واضح لكل أحد، فتحقق السامعون أن المقصود منه شيء آخر مما جهلوه، فحسن جوابهم بما يقتضي الأدب، ويستمطر الفائدة، وهو قولهم:(الله ورسوله أعلم).
وأما وادي الأزرق .. فلم يتحققوا علمه به، فتمسكوا بظاهر السؤال، وامتثلوا في الجواب مقتضاه، لا يقال: فيرجع هذا إلى أنه استفهام حقيقةً، لا استنطاق؛ لأنا نقول: لا يرجع إليه؛ إذ لا منافاة بين كون السؤال استنطاقًا بحسب قصد المتكلم، واستفهامًا بحسب حمل المخاطب. انتهى منه.
(قالوا) أي: فقال الحاضرون: هذا الوادي (وادي الأزرق) أي: واد يسمى بالأزرق؛ ظنًّا منهم أنه لا يعرفه، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: