(كأني أنظر) الآن (إلى موسى) بن عمران (عليه السلام فذكر) أبو العالية لداوود (من طول شعره) أي: شعر موسى (شيئًا لا يحفظه داوود) بن أبي هند؛ أي: لم يحفظه عنه داوود، فجعل هذا الكلام بين قوسين؛ إشارة إلى أنه ليس من الحديث، بل هو من كلام بعض الرواة؛ كما هو ساقط من رواية مسلم، ثم رجع إلى الحديث، فقال: أي: فكأني أنظر الآن إلى موسى حالة كونه (واضعًا) أنملتَيْ (إصبعيه) المسبحتين (في أذنيه) وحالة كونه (له) أي: لموسى (جؤار) أي: صوت رفيع، وفي رواية:(وله جؤار) بزيادة الواو؛ أي: وحالة كونه جائرًا وصائحًا (إلى الله) تعالى (بالتلبية) أي: بقوله: لبيك اللهم لبيك.
قال الإمام: الجؤار: رفع الصوت، وهو مهموز، ومنه قوله تعالى:{فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}(١)؛ أي: ترفعون أصواتكم وتستغيثون به، يقال: جأر يجأر؛ من باب فتح، قال السنوسي: وفيه رفع الصوت بالتلبية، وهو سنة في شرعنا من غير إسراف إلا في المسجد، فيسمع من يليه فقط؛ خوف الرياء، إلا في مسجد مكة ومنىً، فيعلن؛ أي: فيرفع صوته فيهما عند مالك رحمه الله تعالى؛ لأن كل من بهما يلبي بلا رياء، بخلاف غيرهما من مساجد البلاد التي الحجاج فيها قليل.
(مارًّا بهذا الوادي) حال ثالثة من موسى؛ أي: وكأني أنظر إليه الآن حالة كونه مارًا في هذا الوادي ملبيًا.