(فوضع أبو أيوب يده على الثوب) أي: على الأعلى من الثوب الذي استتر به (فطأطأه) أي: فطأطأ الثوب وخفضه وكشفه عن رأسه (حتى بدا) وظهر (لي رأسه) أي: رأس أبي أيوب (ثم قال) أبو أيوب (لإنسان يصب عليه) الماء، لم أقف على تسمية هذا الإنسان:(اصبب) على رأسي ماءً (فصب) الإنسان (على رأسه) ماءً، فيه جواز الاستعانة بالصاحب والخادم في الطهارة.
(ثم) بعدما صب ذلك الإنسان على رأسه الماء (حرك) أبو أيوب (رأسه) أي: شعر رأسه (بيديه) أي: بكفيه (فأقبل بهما) أي: باليدين؛ أي: وضع بهما على قبالة رأسه ومقدمه (وأدبر) بهما؛ أي: أذهب بهما إلى دبر رأسه ومؤخره (ثم) بعدما فرغ أبو أيوب من غسل رأسه (قال) أبو أيوب: (هكذا) أي: مثل ما فعلته (رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل) أي: رأيته يفعل مثل ما فعلته في تحريك الشعر باليدين، والله أعلم.
قال القرطبي: اختلاف ابن عباس والمسور لم يكن في جواز أصل غسل الرأس؛ لأنه من المعلوم عندهما وعند غيرهما أنه يغتسل من الجنابة إن أصابته، ويغتسل لدخول مكة وللوقوف بعرفة، وإنما كان الاختلاف بينهما في كيفيته؛ هل يدلكه أو لا يدلكه؟ لأنه يخاف منه قتل الهوام أو إِنْقَاؤُهَا عن رأسِه وجسدِه وإزالة الشعث، ولإمكان هذه الأمور منه منع المسور، ولم يلتفت ابن عباس إلى إمكان تلك الأمور؛ لأنه إذا ترفق في ذلك .. سلم مما يتقى من تلك الأمور، وقد كان ابن عباس علم ذلك من حديث أبي أيوب، ولذلك أحال عليه وأرسل إليه، والله أعلم. انتهى من "المفهم".