وقال القاري في "شرح المشكاة": يجوز للمحرم غسل رأسه بحيث لا ينتف شعرًا بلا خلاف، أما لو غسل رأسه بالخطمي .. فعليه دم عند أبي حنيفة، وبه قال مالك، وقال: لا صدقة، ولو غسل بأشنان فيه طيب .. فإن كان من رآه سماه أشنانًا .. فعليه الصدقة، وإن سماه طيبًا .. فعليه الدم، كذا في "قاضيخان".
ولو غسل رأسه بالحرض والصابون والسدر ونحوه .. لا شيء عليه بالإجماع، وجاء عن ابن عباس بسند ضعيف أنه دخل حمامًا بالجحفة وهو محرم، وقال: ما يعبأ الله بأوساخنا؛ يعني: فليس فيه من فدية، ففيه رد على مالك أن في إزالة الوسخ صدقة، والتحقيق أنه لا ينبغي للمحرم أن يقصد بغسله إزالة الوسخ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"المحرم أشعث أغبر". انتهى.
وفي هذا الحديث فوائد؛ منها: جواز اغتسال المحرم، وغسله رأسه، وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف شعرًا، ومنها: قبول خبر الواحد، وأن قبوله كان مشهورًا عند الصحابة، ومنها: الرجوع إلى النص عند الاختلاف، وترك الاجتهاد والقياس عند وجود النص، ومنها: السلام على المتطهر في وضوء وغسل، بخلاف الجالس على الحدث، ومنها: جواز الاستعانة في الطهارة، ولكن الأولى تركها إلا لحاجة.
واتفق العلماء على جواز غسل المحرم رأسه وجسده عن الجنابة، بل هو واجب عليه، وأما غسله لتبرد .. فمذهبنا ومذهب الجمهور جوازه بلا كراهة، ويجوز عندنا غسل رأسه بالسدر والخطمي بحيث لا ينتف شعرًا، وقال أبو حنيفة ومالك: هو حرام موجب الفدية، قاله النووي. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المحصن وجزاء الصيد، باب الاغتسال للمحرم، ومسلم في كتاب الحج، باب يجوز غسل