شعر مقدم رأسه لطبيعة، وكان سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه كذلك، ولأنه نعته في الكتب المتقدمة، يقال: إنهم كانوا يقولون - أعني نصارى الشام -: إن الذي يفتح بيت المقدس الأصلع، والله أعلم. انتهى من "المفهم".
ولا يكره ذلك في الرجال، بل العرب تمدح به وبالنزع؛ وهو - بفتحتين -: انحسار شعر الرأس من جانبي الجبهة؛ لأنه آية الذكاء والسخاء.
وتذم بالغمم؛ وهو أيضًا - بفتحتين -: سيلان شعر الرأس حتى تضيق منه الجبهة أو القفا؛ لأنه علامة الغباوة والبخل، قال الشاعر:
ولا تنكحي إن فرق الدهر بيننا ... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
وفي قوله:(رأيت الأصلع) أنه لا بأس بلقبه ووصفه الذي لا يكرهه، وإن كان قد يكره غيره مثله؛ أي: قال عبد الله بن سرجس: (رأيت الأصلع عمر بن الخطاب) حالة كونه (يقبل الحجر) الأسود في الطواف (ويقول) للحجر: والله (إني لأقبلك) اقتداءً بمحمد صلى الله عليه وسلم (وإني لأعلم) وأعتقد (أنك حجر) من الأحجار وأنك (لا تضر) من لا يقبلك بجلب مضرة له (ولا تنفع) من قبلك بذاتك بجلب منفعة له، وإن كان امتثال ما شرع فيك ينفع بالجزاء والثواب.
والمعنى: أنك لا قدرة لك على جلب نفع ولا دفع ضر، وأنك حجر مخلوق كسائر المخلوقات التي لا تضر ولا تنفع.
وإنما قال ذلك: لئلا يغتر بعض قريبي العهد بالإسلام ممن ألفوا عبادة الأحجار، فيعتقدون نفعه وضره بالذات، فبين عمر رضي الله تعالى عنه أنه لا يضر ولا ينفع لذاته، وإن كان امتثال ما شرع فيه ينفع، باعتبار الجزاء، وليشيع في الموسم فيشتهر ذلك في البلدان المختلفة. أفاده النووي.