ونقله ملا علي عن الطيبي شارح "المشكاة" ثم تعقبه بقوله فيه: إنه لا يظن بأرباب العقول ولو كانوا كفارًا أن يعتقدوا أن الحجر ينفع ويضر بالذات، وإنما هم يعبدون الأحجار، معللين بأن هؤلاء شفعاؤنا عند الله تعالى، والفرق بيننا وبينهم: أنهم كانوا يفعلون من تلقاء أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان، بخلاف المسلمين؛ فإنهم يصلون إلى الكعبة بناءً على ما أمر الله تعالى به، ويقبلون الحجر بناء على متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا .. فلا فرق في حد الذات، ولا في نظر العارف بالموجودات، بين بيتٍ وبيتٍ، ولا بين حجر وحجر، فسبحان من عظم ما شاء من مخلوقاته من الأفراد الإنسانية؛ كرسل الله تعالى، والحيوانية؛ كناقة الله، والجمادية؛ كبيت الله، والمكانية؛ كحرم الله، والزمانية؛ كليلة القدر وساعة الإجابة يوم الجمعة. انتهى ببعض اختصار.
(ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك .. ما قبلتك).
وقوله:(رأيت الأصيلع) بالتصغير، وفي رواية:(رأيت الأصلع) بالتكبير، وليس في هذا التصغير معنىً يناسب هنا التوقير والتعظيم، وقد قال الجوهري في "صحاحه": والأصيلع من الحيات: الدقيق العنق؛ كأن رأسه بندقة، وزاد عليه المجد معنىً، وهو أسوأ منه.
وقال القرطبي: وتصغيره في هذا الموضع للتهويل والتوقير؛ كما قالوا للجبل العظيم: جبيل، وكقول الشاعر:
وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفرُّ منها الأنامل
انتهى منه.
قال السندي: قوله: (رأيت الأصيلع) هو تصغير الأصلع؛ وهو الذي انحسر