ويحتمل أن يكون فعل ذلك للأمرين، وحينئذ: لا دلالة فيه على جواز الطواف راكبًا لغير عذر؛ وكلام الفقهاء يقتضي الجواز، إلا أن المشي أولى، والركوب مكروه تنزيهًا.
حالة كونه (يستلم الركن) أي: الحجر؛ كما في بعض روايات مسلم (بمحجن) والمحجن - بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم بعدها نون -: هو عصًا معوجة الرأس؛ يتناول الراكب بها ما سقط منه، ويحول بعيره بطرفها، ويحركه للمشي؛ من الحجن؛ وهو الاعوجاج، وبذلك سمي الحجون؛ والمعنى: أنه يوميء بعصاه إلى الركن حتى يصيبه.
قال ابن التين: وهذا يدل على قربه من البيت، لكن من طاف راكبًا .. يستحب له أن يبعد إن خاف أن يؤذي أحدًا، فيحمل فعله صلى الله عليه وسلم على الأمن من ذلك. انتهى، ويحتمل: أن يكون في حال استلامه قريبًا حيث أمن من ذلك، وأن يكون في إشارته بعيدًا حيث خاف من ذلك. كذا في "الفتح".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب استلام الركن بالمحجن، ومسلم في كتاب الحج، باب جواز الطواف على بعير، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب الطواف الواجب، والنسائي في كتاب المساجد، باب إدخال البعير المساجد، وفي كتاب الحج، باب استلام الركن بمحجن، وأحمد في "المسند".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث صفية بحديث أبي الطفيل رضي الله تعالى عنهما، فقال: