أي: جَعَلْتُها عمرة، وهو دليل على أن حجه صلى الله عليه وسلم كان قرانًا، قال الشوكاني: وأَبْعدَ من قال: إن معناه: أنه يعتمر في تلك السنة بعد فراغ حجه، وظاهر حديث عمر هذا: أن كون حجه صلى الله عليه وسلم القران كان بأمر من الله تعالى، فكيف يقول صلى الله عليه وسلم:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت .. لجعلتها عمرة" فينظر في هذا؛ فإن أجيب بأنه إنما قال ذلك تطييبًا لخواطر أصحابه .. فهو تغرير لا يليق نسبة مثله إلى الشارع. انتهى كلام الشوكاني.
واعلم: أن هذه الجملة وردت بثلاثة ألفاظ؛ أي: روايات:
١ - فقال مِسْكِينٌ عن الأَوزاعي:(قال: عمرة في حجة) بلفظ (قال) وحرفِ (في) بين عمرة وحجة.
٢ - وقال الوليدُ بن مسلم وعُمرُ بن عبد الواحد عن الأوزاعي:(قُلْ: عمرةٌ في حجة) بلفظ (قل) صيغة أمر، وكذا رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير بلفظ (قل) وحرف (في)، فهذه متابعة للأوزاعي.
٣ - وفي روايةٍ للبخاري:(وقل: عمرة وحجة) بحرف (الواو) العاطفة بين عمرة وحجة، قال بعضهم: أي: قل ذلك لأصحابك؛ أي: أعلمهم أن القران جائز، واحتج به من يقول: إن القران أفضل، وقال: لأنه هو الذي أُمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأَحَبَّ، فالرواية الصحيحة هي قوله:(عمرة وحجة) بالفصل بينهما بالواو. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"العقيقُ واد مبارك"، وأبو داوود في كتاب الحج، باب في الإِقْران.