قلت: قال ابن خزيمة: لا أعرف راويًا عنها إلا ابنها، من الثالثة.
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه مسيكة، وهي مختلف فيها.
(قالت) عائشة: (قلت: يا رسول الله؛ ألا نبني لك) من البناء؛ أي: ألا نبني نحن معاشر الصحابة لك (بمنًى بيتًا) تنزل فيه أيام الموسم؟
فـ (قال) لها: (لا) تبنوا لي فيها بيتًا؛ فإن (منًى مناخ من سبق) إليها، فلا يجوز فيها البناء؛ لأن أرضها مشتركة بين المسلمين؛ لتعلق حق المبيت فيها لكل مسلم محرم.
والمعنى: أن الاختصاص فيه بالسبق لا بالبناء.
وقال الطيبي: معناه: أتأذن لنا أن نبني لك فيها بيتًا؛ لتسكن فيه؟ فمنع من البناء فيها، وعلل المنع بأن منًى موضع لأداء النسك؛ من النحر ورمي الجمار والحلق، يشترك فيه الناس، فلو بني فيها بناء .. لأدى إلى كثرة الأبنية تأسيًا به، فتضيق على الناس، وكذلك حكم الشوارع ومقاعد الأسواق.
وعند أبي حنيفة أرض الحرم موقوفة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة قهرًا، وجعل أرض الحرم موقوفة على المسلمين، فلا يجوز أن يتملكها أحد منهم. انتهى من "العون".
قوله:(ألا نبني لك بناءً) وفي رواية لابن ماجه: (بيتًا)، (قال: لا) أي: لا تبنوا لي بيتًا بمنًى؛ لأنه ليس مختصًّا بأحد؛ إنما هو موضع العبادة؛ من الرمي وذبح الهدي والحلق ونحوها، فلو أجيز البناء فيه .. لكثرت الأبنية، وتَضَيَّق