في "لتأخذ أمتي" بكسرها هي لام الأمر؛ ومعناه: خذوا مناسككم؛ وهكذا في غير رواية مسلم بلا لام؛ تقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته ومناسككم، فخذوها عني واقبلوها واحفظوها وعَلِّمُوها الناسَ.
وهذا الحديث: أصل عظيم في مناسك الحج، وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة: "صلوا كما رأيتموني أصلي".
وقال السندي: معناه: لتأخذوا مناسككم؛ أي: تعلموا وتحفظوا، وهذا أمر بأخذ المناسك وتعلمها وحفظها، ولا دلالة فيه على وجوب المناسك أصلًا، بل على وُجوبِ تعلُّمِها وحفظِها في تلك السنة، فاستدلالُ كثيرٍ من الفقهاء بهذا الحديث على الوجوب غير ظاهر؛ إذ وجوب تعلم الشيء لا يدل على وجوب ذلك الشيء؛ إذ جميع المندوبات والسنن يجب أخذها وتعلمها ولو على وجه الكفاية، وهي غير واجبة عملًا، فافهم، والله تعالى أعلم. انتهى منه.
(فإني لا أدري) ولا أعلم متى يحل أجلي (لعلي) أي: وأظن أن (لا ألقاهم) أي: أن لا ألقى الناس ولا أراهم (بعد عامي هذا) بسب حضور أجلي وموتي، قال الزرقاني: أي: أظن.
ويحتمل أن تكون (لعل) للتحقيق؛ كما يقع في كلامه صلى الله عليه وسلم كثيرًا؛ أي: وأظن أن (لا أحج بعد حجتي هذه)، قال النووي: فيه إشارة إلى توديعهم وإعلامهم بقرب وفاته صلى الله عليه وسلم، وحثهم على الاعتناء بأمور دينهم، وبالأخذ عنه، وانتهاز الفرصة من ملازمته، وتعلم أمور الدين، ولهذا سميت حجة الوداع. انتهى.
قال القرطبي: وفي الحديث أمر بالاقتداء به، وحوالة على فعله الذي وقع به