للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وهذه الأحاديث ترد من وجهين:

أحدهما: أنها تضمنت أن كل واحد من الحلق والتقصير فيه ثواب، ولو كان مباحًا .. لاستوى فعله وتركه.

وثانيهما: تفضيل الحلاق على التقصير، ولو كانا مباحين .. لما كان لأحدهما مزية على الآخر في نظر الشرع.

واختلف القائلون بأنهما نسكان في الموجب لأفضلية الحلاق على التقصير: فقيل: لما ذكر عن ابن عباس قال: حلق رجال يوم الحديبية، وقصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم؛ ارحم المحلقين" ثلاثًا، قيل: يا رسول الله؛ لم ظاهرت بالترحم؟ قال: "لأنهم لم يشكوا". رواه ابن ماجه.

وحاصله: أنه أمرهم يوم الحديبية بالحِلَاق، فما قام منهم أحد؛ لما وقع في أنفسهم من أمر الصلح، فلما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا للمحلقين أو استغفر لهم ثلاثًا، وللمقصرين واحدة .. فبادروا إلى ذلك.

قال أبو عمر ابن عبد البر: وكون ذلك يوم الحديبية هو المحفوظ، وقيل: بل كان ذلك في حجة الوداع؛ كما روته أم الحصين من طريق قتادة، وهو إمام ثقة، وإنما كان الحِلَاق أفضل؛ لأنه أبلغ في العبادة، وأدل على صدق النية في التذلل لله تعالى؛ لأن المقصر مبق على نفسه بعض الزينة التي ينبغي للحاج أن يكون مجانبًا لها، والله أعلم.

والمحصر في الحِلَاق والتقصير كغيره؛ في كون ذلك نسكًا له.

وقال أبو حنيفة وصاحباه: ليس على المحصر شيء من ذلك، ويرد حلاقه صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>