واختلف فيمن رماها قبل الفجر: فقال الشافعي: يجوز تقديمه من نصف الليل، وبه قال عطاء وطاووس، وقالت الحنفية وأحمد وإسحاق والجمهور: إنه لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، ومن رمى قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر .. جاز، وإن رماها قبل طلوع الفجر .. أعاد إلا لعذر.
قال ابن المنذر: السنة: ألا يرمي إلا بعد طلوع الشمس؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر؛ لأن فاعله مخالف للسنة، ومن رماها حينئذ .. فلا إعادة؛ إذ لا أعلم أحدًا قال: لا يجزئه. انتهى.
والأدلة تدل على أن وقت الرمي من بعد طلوع الشمس لمن كان لا رخصة له، ومن كان له رخصة؛ كالنساء وغيرهن من الضعفة؛ كالصبيان والعجائز .. جاز له الرمي قبل ذلك، ولكنه لا يجزئ في أول ليلة النحر إجماعًا.
واعلم: أنه قد قيل: إن الرمي واجب بالإجماع؛ كما حكى ذلك بعضهم، واقتصر صاحب "الفتح" على حكاية الوجوب عن الجمهور، وقال: إنه عند المالكية سنة.
وحكى ابن جرير عن عائشة وغيرها أن الرمي إنما شرع؛ حفظًا للتكبير، فإن تركه وكبر .. أجزأه.
والحق: أنه واجب؛ لأن أفعاله صلى الله عليه وسلم بيان لمجمل واجب؛ وهو قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}(١)، وقوله صلى الله عليه وسلم:"خذوا عني مناسككم". انتهى من "العون".