ذلك؛ لئلا يزدحموا عليه صلى الله عليه وسلم؛ لتوفر دواعيهم إلى مراعاة أفعاله صلى الله عليه وسلم؛ ليأخذوها عنه، أو ليكون ذلك أسكن بقلبه، وأجمع لخشوعه.
وإنما أدْخَلَ معه عثمانَ؛ لئلا يُظَنَ أنه عُزِلَ من ولايَةِ الكعبة، وبلالًا؛ لملازمتِه خِدْمتَه.
وفيه أن الفاضل من الصحابة قد يغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المشاهد الفاضلة ويحضره من هو دونه، فيطلع على ما لم يطلع عليه الفاضل؛ لأن أبا بكر وعمر وغيرهما ممن هو أفضل من بلال ومَنْ ذُكِرَ معه .. لم يشاركوهم في ذلك.
قال القرطبي: قوله: (فأغلقها) فيه دليل على اختصاص السابق للمنفعة المشتركة بها، ومنعِها مِمن يَخاف تَشْوِيشَهَا عليه.
وقال الشافعي: فائدة أمره صلى الله عليه وسلم بإغلاقها وجوب الصلاة إلى جدار من جدرها، وأنَّه لو صلى إلى الباب وهو مفتوح .. لم يجزه؛ لأنه لم يستقبل منها بشيء، وأُلْزِمَ مِن مذهبه إبطالُ هذا؛ لأنه يُجِيز الصلاة إلى أرضها لو تهدَّمَتْ مِن الجُدُر لاستقباله أرضها.
وقيل: إنما أغلقها دونهم؛ لئلا يتأذى بزحامهم، وقيل: لئلا يُصلَّى بصلاته، فتتخذ الصلاة فيها سنة، ولا يلتفت لقول من قال: إنما فعل ذلك؛ لئلا يستدبر شيئًا من غير البيت؛ كما وقع في زيادة البخاري عن بعض الرواة؛ لأن الباب إذا أغلق .. صار كأنه جدار البيت. انتهى من "المفهم".
وفيه استحباب دخول الكعبة، وروى ابن خزيمة والبيهقي من حديث ابن عباس مرفوعًا:"من دخل البيت .. دخل في حسنة، وخرج مغفورًا له"،