استعداد سقايته التي بالمسجد الحرام، المملوءةِ من ماء زمزم، والمندوبِ الشربِ منها عقبَ طواف الإفاضة وغيره، إذا لم يتيسَّر الشربُ من البئر؛ لشدةِ الزحام (فأذن له) رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيتوتة بمكة في أيام التشريق الثلاثة.
وفيه استئذانُ الأمراء والكبراءِ فِيمَا يطرأُ من المصالحِ والأَحْكام، ومبادرةُ من استُؤمر إلى الإذن عند ظهور المصلحة.
وقوله:(من أجلِ سقايتِه) وهي الآنَ بِرْكَةٌ، وكانَت أولًا حياضًا في يَدِ قُصَيٍّ، ثم منه لابنِه عبد مناف، ثم منه لابنِه هاشم، ثم منه لابنِه عبد المطلب، ثم منه لابنِه العباس، ثم منه لابنِه عبد الله، ثم منه لابنِه علي، وهكذا إلى الآن، لكن لهن نُوَّابٌ يقومون بها، قالوا: وهي لآل عباسٍ أَبَدًا.
وقال الأزرقي: كان عبد مناف يحمل الماء في الروايا والقِرَبِ إلى مكة، ويَسْكُبُه في حياض من آدم بفناء الكعبة للحُجاج، ثم فعله بعده ابنه هاشم، ثم منه عبد المطلب، فلما حفر زمزم .. كان يشتري الزبيب فينبذه في ماء زمزم، ويسقي الناس. انتهى منه.
قوله:(فأذن له) قال القاري: قال بعض علمائنا: يجوز لمن هو مشغول بالاستقاء من سقاية العباس لأجل الناس أن يترك المبيت بمنىً ليالي منىً ويبيت بمكة، ولمن له عذر شديد أيضًا. انتهى.
فأشار إلى أنه لا يجوز ترك السنة إلا بعذر، ومع العذر ترتفع عنه الإساءة، وأما عند الشافعي .. فيجب المبيت في أكثر الليل، ومن الأعذار: الخوف على نفس أو مال أو ضياع مريض، أو حصول مرض له يشق معه المبيت مشقةً لا تحتمل. انتهى.