قالت عائشة:(فقلت) له صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله؛ كما هو مصرح به في مسلم (إنها) أي: إن صفية (قد أفاضت) أي: طافت طواف الإفاضة قبل أن يأخذها الحيض (ثم حاضت بعد ذلك) أي: بعدما طافت طواف الإفاضة، فـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم): إذًا (فلتنفر) أي: فلترجع معنا وتذهب إلى المدينة.
فيه دليل على سقوط طواف الوداع عن الحائض، وأن طواف الإفاضة ركن لا بد منه، وأنَّه لا يسقط عن الحائض ولا عن غيرها، وأن الحائض تقيم بمكة له حتى تطهر وتطوف به؛ فإن ذهبت إلى وطنها قبل طواف الإفاضة .. بقيت محرمة إلى أن تطوف به. انتهى "فتح الملهم".
قال الأبي: قول عائشة: (إنها قد أفاضت) من فقهها وعلمها أن من أفاض لا توديع عليه، فلذلك ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المغازي، باب حجة الوداع، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في المرأة تحيض بعد الصلوات، قال أبو عيسى: حديث عائشة، حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أن المرأة إذا طافت طواف الزيارة ثم حاضت .. فإنها تنفر، وليس عليها شيء، وهو قول الثوري والشَّافعيّ وأحمد وإسحاق.