(فـ) لما قلت لجابر: أخبرنا عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. (قال) جابر: أي: أشار (بيده) أي: بأصابعه إلى تسع سنوات مدة مكثه صلى الله عليه وسلم في المدينة (فعقد) جابر؛ أي: عد بيده (تسعًا) من السنوات، وطريقة هذا العقد: بأن تضم رؤوس الأنامل الثلاث الخنصر والبنصر والوسطى بوسط راحة كفه اليمنى وتضع رأس السبابة في أصل الإبهام، (وقال) جابر في عقده بيده: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث) أي: جلس في المدينة (تسع سنين) حالة كونه (لم يحج) فيها؛ يعني: في المدينة، وأما في مكة .. فحج واحدة باتفاق، واختلف في ثانية: هل حجها أم لا؟ انتهى من "المفهم".
وقوله:(مكث) - بضم الكاف وفتحها - أي: لبث في المدينة بعد الهجرة تسعًا، والفاء في قوله:(فأذن) بمعنى (ثم) للتراخي؛ كما في رواية مسلم؛ أي: ثم بعد تسع سنين (أذن) النبي صلى الله عليه وسلم (في الناس في) السنة (العاشرة).
وقوله:(أذن) - بفتح الهمزة وتشديد الذال - مبنيًا للفاعل، والفاعل هو النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار أنه الأمر بالتأذين؛ أي: نادى؛ أي: أمر بالنداء بأن رسول الله حاج في هذه السنة، أو بالتخفيف ومد الهمزة؛ أي: أعلم وأظهر وأشاع في الناس في هذه السنة العاشرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج) أي: مريد الحج وقاصده في هذه السنة؛ ليتأهبوا للحج معه، ويتعلموا المناسك والأحكام، ويشهدوا أقواله وأفعاله ويوصيهم؛ ليبلغ الشاهد الغائب، وتَشِيعَ دعوةُ الإسلام، وتبلغ الرسالة البعيد والقريب.