رسول الله صلى الله عليه وسلم (فذكرت شأنه) أي: شأن الحمار وشأن رفقتي في ذلك الحمار الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرت) أيضًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بـ (أني لم أكن أحرمت) بالعمرة (و) ذكرت له أيضًا بـ (أني إنما اصطدته) وأخذته لأهديه الك، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه) الحاضرين عنده بـ (أن يأكلوه) أي: بأن يأكلوا لحم ذلك الحمار، فأكلوه وهم محرمون؛ كما في رواية مسلم، والأمر بالأكل للإباحة.
وفيه أن الحلال إذا صاد ولم يُعِنْهُ في ذلك محرم، ولم يشر له إليه، ولم يدل عليه .. جاز للمحرم الأكل من صيده، سواء كان اصطياده لأجل المحرم أو لنفسه؛ فإن أبا قتادة إنما حمل على الصيد بعدما عرف أنهم أحبوا لو أنه أبصره؛ كما في بعض الروايات، فكان صيده لأجلهم في الواقع.
وفي "المواهب اللطيفة" قال ابن حزم: ولم يشك أحد في أن أبا قتادة لم يصد الحمار إلا لنفسه ولأصحابه وهم محرمون، فلم يمنعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكله. انتهى من "المفهم".
(ولم يأكل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (منه) أي: من ذلك الحمار (حين أخبرته أني اصطدته) أي: صدت الحمار (له) صلى الله عليه وسلم، وهذه الرواية معارضة لرواية من قال:(فأخذ رجلها من أبي قتادة، فأكلها).
فالجمع بينهما كما قال القاضي عياض: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من أبي قتادة تلك الرجل؛ تطييبًا لقلب من أكل منه؛ بيانًا للجواز بالفعل والقول؛ لإزالة الشبهة التي حصلت لهم. انتهى "فتح الملهم".