إلى الكعبة؛ وذلك حين بعثها مع أبي بكر الصديق عام تسع من الهجرة حين حج أبو بكر بالناس، فلفظ:(كان) غير مقتض للتكرار؛ كما ذكره النووي في حديث جابر:(كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنذبح البقرة عن سبعة)، ولم يوجد ذلك منهم إلا مرة واحدة، وهي حجة الوداع، وفيه دليل على استحباب بعث الهدي إلى الحرم، وأن من لم يذهب إليه .. يستحب له بعثه مع غيره.
قالت عائشة:(فأفتل) من باب ضرب؛ أي: ألوي بِنَفْسِي (قلائدَ هديه) صلى الله عليه وسلم؛ من فتلت الحبل وغيره؛ إذا لويته.
والقلائد: جمع قلادة؛ والمراد بها هنا: ما يعلق بعنق الهدي من الخيوط المفتولة علامة له، فيَكُفُّ الناس عنه؛ والهدي: ما يهدى إلى الحرم المكي من النعم.
ففيه استحباب تقليد الهدي وفتل قلائده.
(ثم) بعد بعثه الهدي إلى الحرم (لا يجتنب) ولا يبتعد ولا يعتزل (شيئًا مما يجتنب المحرم) منه من محظورات الإحرام؛ كالطيب والدهن.
وفيه: أن من بعث هديًا إلى الحرم .. لا يصير محرمًا، ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم، ولا يجب عليه شيء مما يجب على المحرم؛ كالتجرد من المخيط، وكشف الرأس.
وقد روى ابن عباس وغيره أنه يجتنب محظورات الإحرام، وهكذا حكى الخطابي عن أصحاب الرأي، قال الحافظ: وهو خطأ عليهم؛ فالطحاوي أعلم بهم منهم.
واستدل الداوودي بقولها:(هديه) على أن الحديث الذي روته ميمونة