وحكمه إعطاؤه للمساكين، وقد اتفقوا على أن لحمها لا يباع، فكذلك الجلود والجلال، وأجازه الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وهو وجه عند الشافعية، قالوا: ويصرف ثمنه مصرف الأضحية، واستدل أبو ثور على جواز بيعه بأنهم اتفقوا على جواز الانتفاع به، وكل ما جاز الانتفاع به .. جاز بيعه.
وعورض باتفاقهم على جواز الأكل من لحم هدي التطوع، ولا يلزم من جواز أكله جواز بيعه، وأقوى من ذلك في رد قوله ما أخرجه أحمد في حديث قتادة بن النعمان مرفوعًا:"لا تبيعوا لحوم الأضاحي والهدي، وتصرفوا وكلوا واستمتعوا بجلودها، ولا تبيعوا، وإن أطعمتم المساكين من لحومها .. فكلوا إن شئتم".
والانتفاع بجلودها: كجعلها غربالًا وقربةً وسفرةً وبساطًا ودلوًا وحبلًا، إلى غير ذلك.
قوله:(وألا أعطي الجازر) اسم فاعل؛ من جزرت الجزور؛ وهي الناقة وغيرها، من باب قتل: نحرتها، والفاعل جازر وجزار وجزير - بوزن سكيت - والحرفة: الجزارة - بالكسر - كالخياطة؛ كما في "القاموس" و"المصباح".
وأما الجزارة - بالضم - فهو ما يأخذه الجزار من الذبيحة عن أجرته؛ كالعمالة للعامل.
سميت بذلك؛ لأن الجزار كان يأخذها عن أجرته؛ كما في "الصحاح" و"النهاية"، وذكره المجد أيضًا، فهي - بالضم -: اسم للسواقط، وهي في عرفنا: الرئة والطحال والكبد أيضًا، ونعبر عن أجر الجازر بأجرة القصاب. انتهى من هامش نسخ "مسلم".